الاثنين، 25 أبريل 2011

تجارب قديمة

أتذكر وأنا ابن أربعة عشر عاماً، كنت معجباً بأستاذنا باللغة العربية بشكل كبير جداً، وكنا نناديه الأستاذ "أبو شاهر"، لست أنا وحدي، بل كل المدرسة، وكنا نهابه جميعاً من مدير المدرسة وحتى أصغر طالب منا، فقد كان أباً حانياً من غير لين، وقاسياً من غير ظلم، أحبنا وأحببناه، وفي حصة من حصص اللغة العربية، طلب مني أن أقرأ قصيدة أظن أنها كانت من الشعر الجاهلي، ومع صعوبة ألفاظها، فقد استطعت أن أنطقها بطريقة يبدو أنها أثارت اعجاب أبو شاهر، لدرجة أن نظر لي مبتسماً وقال، أتوسم بك الخير يا ولدي، وأرجو من الله أن تصبح شاعراً عظيماً.

طبعاً شكرته بكل بلاهة، لأنني حتى الآن لم أفهم ولا كلمة مما قرأته، ويشهد الله أنني لو عدت لنفس النص، لأخطأت به أخطاء يجعل اللغة العربية تتبرأ مني ومن أبو شاهر، وكانت كلماته شهادةً احتفظت بها ووساماً على صدري، وافتخرت بها على زملائي وأصحابي، بل إن أصحابي تفاخروا على أقرانهم بأنهم أصحاب من شهد له الأستاذ أبو شاهر، وبعد يومين أو ثلاثة، خطر على بالي أن أجرب حظي بالشعر، فقد تملكني الغرور، وظننت بأنني أبا العلاء المعري، أو المتنبي، وكتبت خمس أبيات، لا أدري حتى الآن كيف كتبتها، ولماذا كتبتها، وما الهدف منها، سوى أنني متأكد من أنني قصدت كل كلمة بها، وظننت أن العروض أمر طارئ وغير مهم، وأن الموسيقى والكلمات هي الحكم في الشعر، وذهبت بها لأستاذنا أبا شاهر، وقرأتها أمامه بكل فخر، وبكل بساطة، قال لي ممتاز، لكن هل تعلم هي بأي بحر من بحور الشعر، قلت له الحقيقة يا أستاذنا لا أعلم، فقال هي من بحر عقلك، مع أنك تبدو صادقاً بكلماتها، ولكن يا ابني، خذ هذا الكتاب لأحمد طوقان، واقرأه بتمعن، ثم عد إلي لنرى ماذا سنفعل، فلا تستعجل بالشعر الله يرضى عليك.

أصدقكم، لم أعد أبداً لأبا شاهر، ولم أجرؤ على قراءة الكتاب، ولكنني أترحم على أستاذي أبا شاهر دائماً، وأدعو أن يكون في الجنة، جزاه الله عني وعن جميع من درسنا كل خير، فذكراه لا تمحا أبداً من مخيلتي، واليكم الأبيات الخمسة التي كتبتها:

كَانُوْا كَالسُّوّرِ الْعَظِيْمِ لَا يُسْتَهِينَ

حَتَّىَ أَتَىَ زَمَـــــــانٌ وَّلُّـــــــوْهُمْ هَــــارِبِيْنَ

أَوْدَوْا بِالْـــــــدَّوْلَـــــــةِ الْإِسْــــــلامِيَّــــةِ إِلَىَ

الْهُــــــــــوَّةَ الْسَّحـــــِيِقَــــــةَ الـسُــنِينَــــــــــــــــــــــــةَ

وَنِسَـــــــــائِهِـــــمْ آَنَـــــــــذَاكَ مُحْتَشِمَــــــــــــــةً

لَا تَــــرَىَ مِنْهَــــا إِلَّا الْوَجْــهَ وَالْيَدَيْنَ

أَمَــا الْآَنَ فَهُـــنَّ سَافِرَاتٌ عَارِيَاتٌ

يُظْهِرْنَ مِنَ الْعَوْرَاتِ وَلَا يَسْتَحِيَنَّ

فَاسْتُــــــــرْنِيْ رَبِّيَ وَكَــــــذَلِكَ أَهْـــــــــــــــلِيْ

وَلَا تَجْعَــــــلْ الْفَوَاحِـــــشَ تُوَدِّي بَيَّنَّا



الأحد، 24 أبريل 2011

خَاطِرَة

لِعَيْنَيْهَا لَوْنٌ بِطَعْمِ الْعَسَـلِ يَقْطُـرُ وَقَلْبِيْ مُشْتَاقٌ وَعَنْ الْفِرَاقُ لَا يَصْبِرُ

وَجْهٌ جَمِيْلٌ تُخْفِيْهِ تَحْتَ وِشَاحُهَا وَيَغْشَّىَ طَيْفُهَا بِخَيَالِيْ دَوْمَا وَيَتَبَخْتَرُ

وَتَعْـزِفُ بِضِحْـكَتِهَا لَحْنَـاً حَـانِيّـاً تَنْتَشِيْ بِسَمَاعِهِ رُوْحِيْ وَقَلْبِيْ يَتَبَعْثَرُ

تَجْرِيَ الْأَنْهَارُ دَوْمَا إِلَىَ مَقَادِيْرُهَا وَعِشْقِيَ لَهَا نَهْرٌ، لَا بَلْ شَلَالٌ يُهْدَرُ