الجمعة، 13 مايو 2011

صديقي هشام فاخوري

درست مع صديقي هشام منذ المرحلة الإعدادية بنفس المدرسة، وكانت علاقتنا عادية مثل العلاقات العادية التي تمر بين الطلاب، وتوطدت أكثر مع دراستنا الجامعية، حيث تصادف أن درسنا بنفس الجامعة، وتشاركنا بنفس السكن في نهاية الدراسة، بل ونفس الغرفة.

كنا نعرف بعضنا البعض، وذكرياتنا متشابهة، ونضحك معاً، ونأكل معاً، ونتشارك في كل شيء، حتى بعد تخرجنا لم نبتعد عن بعضنا، بل استمرت العلاقة وكأنها أزلية ولن تزول، ولا أنسى له أفضالاً عليّ، ووقفته معي ومع غيري في الكثير من المواقف التي تعكس مدى عمق صداقتنا ومحبتنا، وتسير الأيام وتباعد بيننا مشاغل الحياة أكثر وأكثر وأكثر....

في الصيف الماضي، اتصل بي بعد شهر رمضان، وكان في غاية الفرح والسعادة، وعاتبني على الابتعاد، طبعاً تعذرت بالمشاغل الكثيرة، وقال لي أن كل ذلك لا يهم، فعلاقتنا أكبر من ذلك، وأنه يجب أن نلتقي فقط للتواصل وتأكيد الصداقة، ورحبت طبعاً بالفكرة، وسألته متى يستطيع التفرغ، فقال اصبر علي بس كم يوم، لأني مشغول، فقلت ولا يهمك، خذ راحتك، وعندما تجد نفسك متفرغاً فقط أخبرني وسأحضر لك بأي وقت، وانتهت المكالمة على هذا الاتفاق.

أخذت بتأنيب نفسي على أن أسمح للحياة بأن تأخذني وتبعدني عن صديقي، ونويت أن ألتقيه بأي وقت عندما يتصل بي مهما كانت ظروفي، وكالعادة مرت الايام ودخل موسم الحج، ولم يتصل بي هشام، وكنت سأتصل به لأخبره بسفري للحج ولكن قلت لا، لا أريد أن أضغط عليه فبالتأكيد لديه ظروفه، وستكون مفاجأة له أن أذهب لزيارته بعد عودتي من الحج، وهذا ما حدث.

عند عودتي من الحج تذكرته طبعاً، ولكني كنت مضطراً للسفر لليمن لورشة عمل مهمة مدتها اسبوع، وقلت عندما أعود سأخابره، وذلك أمر ضروري ونهائي، وعند عودتي بعد اسبوع، وكان الوقت ليلاً، استقبلني بالمطار أخي الحبيب حاتم، وكعادته كان مرحاً ضاحكاً وسعيداً، وأخذنا نتجاذب أطراف الحديث ثم ليخبرني بأنه يحمل لي خبراً سيئاً وأنني يجب أن أحتسب عند الله صديقي هشام، فقد قضى بنوبة قلبية قبل يوم من وصولي، يا الله، كم كان الخبر صاعقاً، ولكني تمالكت نفسي وتمتمت بعبارات الدعاء بالرحمة والمغفرة له، والصبر لوالديه.

توجهت بصباح اليوم التالي إلى بيت العزاء، واستقبلني والده بكل حنان وحزن ومودة، وارتمى يعانقني ويبكي بحرقة مختفياً داخل صدري، ولم أتمالك نفسي أبداً، وكذلك اخوته، لا حول ولا قوة الا بالله، كان موقفاً عصيباً جداً، علينا جميعاً، وجلست بجانب والده، والذي استمر يسترق النظر لي باستمرار، ويتكلم معي ويسمعني أحدثه عن هشام، ودموعه تترقرق بعينيه، ووعدته أنني يجب أن أعود لزيارته، فأخبرني أنه يحب ذلك، وأنه يجب علي أن أخبر بقية الاصدقاء وأن أحضرهم له ليراهم، ووعدته خيراً.

رحمك الله يا هشام، وأرجو أن يغفر الله له ويسكنه الجنة.

هاهي تمر 5 شهور، يجب أن أذهب لزيارة والد هشام ولن أسمح لمشاغل الحياة عن منعي لتحقيق هذا الأمر البسيط، الله المستعان.

هناك 4 تعليقات:

  1. الله يرحمة ويسكنة الجنة ذكرتني استاذ باسم بصديقة عزيزه جدا على قلبي كنت في السادسه عشر من عمري وفي الاجازه نويت الاتصال بها يوم الخميس للتحدث معها واجلت الاتصال الى الجمعه فتفاجأت باختهاتبكي تقول ان والديها وهدى واختها الكبرى خرجوا في رحله من الصباح وحصل لهم حادث وتوفوا جميعا كان موقف صعب جدا جدا.جميعنا سنموت ولكن اسال الله ان نترك ذكرى طيبه لمن حولنا وان لا نحرم من دعاء الصالحين.

    ردحذف
  2. ولا تدري نفس ماذا تكسب غدا، وما تدري نفس بأي أرض تموت، رحم الله موتانا وموتى المسلمين أجمعين.

    هذه عبرة لنا ونسأل الله أن يجمعنا بأحبائنا في ظله يوم لا ظل الا ظله.

    شكرا أستاذة ايناس، الله يحميك

    ردحذف
  3. لا إله إلا الله ما اسرع الموت لا ينتظر أحد ولا يستاذن من أحد إذاً فليكن شعارنا دائماً وأبداً لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد خاصة إذا كان في الخير ورحم الله صديقك أستاذ باسم وصديقتك واسرتها عزيزتي إيناس وجميع موتانا وموتى المسلمين إنه على ذلك قدير وبنا جميعاً رحيم الله يسامحكم أبكيتموني

    ردحذف
  4. اعتذر لك أستاذتنا تقوى، أسأل الله أن يحفظ لك أهلك وأحبائك جميعاً، وجميع المسلمين اللهم آمين

    ردحذف